صَبْرَاً شَآمُ /// بقلم : رشاد العبيّد سورية - دير الزور


يَا رَبِّ ضَاقَتْ بِنَا الأََيَّامُ واسْتَعَرَتْ
نِيرَانُ وَجْدٍ ..... لَهَا بِالقَلْبِ مَسْرَاهَا

مَا كَانَ يَخْطُرُ فِي بَالٍ لِذِي بَصَرٍ
أَهْوَالُ حَرْبٍ رُعَاعُ النَّاسِ أَذْكَاهَا

طَالَتْ فَسَالَتْ دِمَاءٌ مِنْ بَنِي وَطَنِي
رَوَّتْ تُرَابَاً .... وَطُهْرُ الأَرْضِ نَدَّاهَا

هَذِي الرُّبُوعُ تُنَادِي .... أَيْنَ مُعْتَصِمٌ
يَرُدُّ ضَيْمَاً ..... وَقَهْرَاً بَاتَ يَغْشَاهَا

كَمْ أَتْعَبَتْهَا .... صُرُوفٌ خَلَّفَتْ مِحَنَاً
أَيَّانَ يَمْحُو ..... إِلَهُ العَرْشِ ذِكْرَاهَا

يَا أُمَّةَ العُرْبِ هَلْ أَغْضَيْتِ عَنْ غُصَصٍ
سَوْدَاءَ أَرْخَتْ كَجُنْحِ اللَّيْلِ بَلْوَاهَا

وَهَلْ رَضِيتِ بِطِيبِ العَيْشِ فِي دَعَةٍ
وَجِلَّقُ الشَّامِ حِقْدُ الغَرْبِ أَضْنَاهَا

فَارْبَدَّ وَجْهٌ لَهَا مِنْ فَرْطِ مَا حَمَلَتْ
مِنَ الهُمُومِ ......... وَمَا كَتَّتْهُ عَيْنَاهَا

وَخَيَّمَ الحُزْنُ فِي أَرْضِي فَهَلْ نَزَفَتْ
بِنْتُ الشَآمِ وَصَارَ البُؤْسُ مَثْوَاهَا

لِيَرْتَقِِي كُلُّ فَدْمٍ قَدْ سَبَى وَطَنَاً
وَيَلْهَثُ النَّاسُ جُوعَاً فِي ثَنَايَاهَا

الهَوْلُ يَرْقُبُ ..... أَطْفاَلاً لَنَا شَزَرَاً
وَيَنْشُرُ المَوْتَ فِي السَّاحَاتِ أَوَّاهَا

قَدْ مَزَّقَ القَصْفُ أَجْسَادَاً لَهُمْ نَهَشَتْ
جَوْعَى الكِلاَبِ بَقَايَا مِنْ بَقَايَاهَا

وَفَرَّ دَمْعٌ مِنَ الأَحْدَاقٍ مُنْهَمِرٌ
يَكْوِي الضُّلُوعَ وَمَا يَنْفَكُّ يَصْلاَهَا

تَشْكُو الحَرَائِرُ مَا تَلْقَاهُ مِنْ شَجَنٍ
وَتَسْتَغِيثُ ...... وَلاَ مُصْغٍ لِشَكْوَاهَا

صَبْرَاً شَآمُ ....... فَمَا لِلْعُرْبِ مَأْثَرَةٌ
إِذَا تَأَخَّرَ سَرْجٌ ....... مِنْ سَرَايَاهَا

وَلَمْ يَذُدْ عَنْ حِيَاضِ الأَهْلِ مُنْصَلِتَاً
يَحْمِي دِيَارَاً .. قِرَاعُ البَغْيِّ أَشْقَاهَا

يَا جَنَّةَ اللهِ .......... يَا حُبَّاً تَهَيَّمَنِي
وَيَا مَشَاعِلَ نُورٍ ..... طَابَ مَسْعَاهَا

فِي غُوطَتَيْكِ طُيُورُ الحُبِّ كَمْ سَجَعَتْ
وَمُونِقُ الحُسْنِ فِي الأَزْهَارِ أَغْرَاهَا

تَدْنُو وَتَصْدَحُ فِي قِيعَانِهَا طَرَبَاً
وَتَسْكُبُ اللَّحْنَ ..... وَالأَفْنَانُ تَرْعَاهَا

إِنَّ المَلاَئِكَ تَرْنُو ...... وَهْيَ بَاسِمَةٌ
وَتَحْرُسُ الشَّامَ قَدْ مُدَّتْ جَنَاحَاهَا

نَهْرَ الفُرَاتِ ..... حَبَتْكَ الدَّيْرُ مَنْزِلَةً
بِالرُّوحِ يَسْرِي ... نَسِيمٌ مِنْكَ أَحْيَاهَا

هَامَتْ عَلَى شَطِّكَ الفَتَّانِ أَفْئِدَةٌ
تُسَبِّحُ اللهَ فَجْرَاً ...... كَيْفَ سَوَّاهَا

فِي ضِفَّتَيْكَ تَبَاهَى الوَرْدُ فِي غَنَجٍ
وَاخْضَوْضَرَ المَرْجُ وَالصَفْصَافُ قَدْ تَاهَا

يَمُرُّ مَاؤُكَ .... يَطْوِي الحَزْنَ مُنْدَفِقَاً
يَسْقِي المُرُوءَاتِ طِيبَاً حِينَ يَلْقَاهَا

كَانَ الإِبَاءُ وَ جُودُ النَّفْسِ فِي بَلَدِي
مِنَ الفُرَاتِ ... سَجَايَا قَدْ وَرِثْنَاهَا

صَارَتْ طِبَاعَاً لِأَهْلِ الدَّيْرِ سَامِقَةً
وَالحُرُّ يَعْرِفُ ... عِنْدَ الكَرْبِ مَعْنَاهَا

فَالكِبرِيَاءُ ....... بِأَرْضِ الدَّيْرِ مَنْبَتُهَا
وَالمَجْدُ يَرْفُلُ ..... مَزْهُوَّاً بِسُكْنَاهَا

يَا شَامُ خَيْلُكِ ...... مَا رَثَّتْ أَعِنَّتُهَا
وَوَثْبَةُ الأُسْدِ ... كُلُّ الخَلْقِ تَخْشَاهَا

مَهْلَاً دِمَشْقُ فَشَمْسُ الحَقِّ قَدْ طَلَعَتْ
وَالنّصْرُ آتٍ ... وَرَبُّ الكَوْنِ أَعْلاَهَا


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

THE TOUCH OF A DISTANCE Written by Milica Lilic

الوادي بقلم المبدع محمد حاج موسى

قريتي بقلم الأديب محمد حاج موسى